بادر .. الأقصى في خطر
د. علي بن عمر بادحدح
الجرائم
بكل صورها واقعة ، والمعركة بكل أسلحتها قائمة ، والحرائق في كل زاوية
مشتعلة ، في مشهد يدوم عقوداً لا أعواماً ، وبصورة بادية معلنة ، وبإصرارٍ
مستمر ، وفي أمرٍ من أعظم الأمور ، وقضية من أكبر القضايا ، ومسألة هي
جوهر المسائل ، والمعنيُّ بالأمر جمهورٌ غفير يتجاوز مئات الملايين إلى
آلافها !!
فعن مَّاذا نتحدث يا ترى ؟
إن شعارنا الذي نطلقه اليوم "بادر قبل أن تغادر" بادر دون انتظار مزيد من الجرائم التي تستهدف العقيدة والإسلام والمقدسات !
"بادر
.. الأقصى في خطر" عنوان حملة انطلقت منذ أيام في أعقاب احتفالات صهيونية
بما يسمونه "ذكرى خراب المعبد" وتمتد إلى نهاية شهر رمضان المبارك ، وتمر
في أثنائها ذكرى إحراق المسجد الأقصى !!
فيا أيها المسلم :
بادر لأن مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الاحتلال منذ 43 عاماً !
بادر لأن التهويد مستمر على قدم وساق في كل يوم وليلة !
بادر لأن التغيير الجذري يستهدف مسح ومسخ كل ما هو إسلامي وعربي !
بادر لأن الميزانيات التي رصدها الصهاينة لتهويد القدس تبلغ كل عام ملياراً وتسعة عشر مليون دولار!
بادر لأن عشرات المؤسسات الصهيونية في دول العالم تعمل من أجل هذا التهويد والتغيير!
بادر قبل إقامة الهيكل المزعوم على أنقاض مصلى الأنبياء ومسرى المصطفى الأمين !
بادر لأن الخطط التهويدية معلنة منذ نحو 6 سنوات ليس فيها شيء مخفي !
بادر لأن صهيونياً واحداً يتبرع في مشروع واحد لتهويد القدس بأكثر من 250 مليون دولار!
بادر
لأن الجامعات الصهيونية والباحثين والأكاديميين لديهم خطط لاختراع تاريخ
جديد مزور يضفون عليه صبغة العلمية والأكاديمية ليكون الجميع في صف واحد
من أجل هذه الجرائم النكراء !
بادر لأن معاهد عمرانية أسستها الحكومات الصهيونية لتصمم وتخطط الشكل اليهودي الصهيوني للمدينة المقدسة !
بادر
لأن الأنفاق تحفر منذ سنوات - لا من أجل الغذاء والدواء في غزة المحاصرة -
بل تحت المسجد الأقصى بأكثر من 33 نفقاً معروفة وغيرها غير معروف لينقض
بانهيار أرضي !
دعني أخطابك أنت أيها القارئ العادي ، ولا تنظر إلى العلماء ، ولا تبحث عن مسؤولية الحكام.
بادر
لأن أمتنا الإسلامية والعربية بملياراتها الضخمة، وإمكاناتها الهائلة لا
تُدخل إلى هذه المدينة المقدسة لدعم صمود أهلها وإقامة المشروعات فيها سوى
40 مليون دولار ، وهي لا تعادل تبرع صهيوني واحد من أولئك الأثرياء في شرق
العالم أو غربه !
بادر
لأن جامعاتنا ومدارسنا لا تدرس شيئاً مذكوراً عن القدس وتاريخها، ولا عن
الأقصى وارتباطه بعقيدتنا وبآيات كتابنا ، وأحاديث رسولنا صلى الله عليه
وآله وسلم، وبمسيرة تاريخنا، وحضارة أمتنا !
بادر
لأن إعلامنا مشغول بالغناء والرقص ومتابعة وتحليل أدق الحركات والسكنات،
في المباريات والمسابقات ، حتى إن أبناءنا ليعرفون من ذلك أكثر مما يحفظ
بعضهم من كتاب الله ، ولا أقول مما يعرف عن قضية فلسطين والقدس والأقصى !!
ونحن في الصلوات والخلوات نتلو هذه الآيات :{سُبْحَانَ
الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى
الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ } [الإسراء : 1] {
وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا
لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء : 71] {يَا
قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ
ولا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} [الأعراف: 137] وغيرها من الآيات الكريمة .
وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تُشَدُّ الرحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد : مسجدي هذا, والمسجد الحرام, والمسجد الأقصى) [متفق عليه] .
وفي
حديث ميمونة مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الإمام أحمد وغيره أن
رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أفتنا يا رسول الله في بيت
المقدس ، قال: ائتوه فصلوا فيه ، فقال الرجل : أرأيت يا رسول الله إن حيل
بيننا وبينه ؟ قال: (ولو أن تبعثوا زيتاً فتضيئوا أو فتشعلوا قناديله).
وفي حديث عوف بن مالك : "اعدد ستّاً بعد موتي" وذكر في أولها : "فتح بيت المقدس".
وغيرها كثير.
ولا أكاد أبحث إلا وأجد في كل يوم حدثاً جللاً قد وقع في أرض فلسطين عموماً وفي القدس والأقصى خصوصاً .
وهناك
تقرير منشور على الشبكة العنكبوتية بعنوان (عين على الأقصى) يرصد كل صغيرة
وكبيرة ؛ ليوقظ الأمة ، وأكثرنا لا يعلم به ، ومن يعلم به فأكثرهم لم
يقرؤوه ، ومن قرأه لم يتمعن فيه أو لم يعتبر به !!
وهناك استفتاء قامت به إحدى الصحف الصهيونية عن بناء الهيكل المزعوم فكانت النتائج :
أن 64% من عموم الصهاينة في فلسطين يؤيدون هدم المسجد الأقصى لبناء الهيكل مكانه.
أما المتدينون فالنسبة بلغت 98.5% يطالبون ويسعون ويعملون.
أما فيمن يسمونهم بالعلمانيين اليهود فالنسبة بلغت 47%
وعلى المستوى العام بكل التصنيفات بلغت النسبة 91% !!!
وأخشى لو أننا عملنا استفتاءً في بعض بلادنا العربية والإسلامية أن نجد صدمة أعظم من صدمة هذه الأرقام !!
وقد
أصدرت المحكمة العليا الصهيونية عام 2000 حكماً بأن جبل الهيكل مقدس عند
اليهود وأنه قلب دولة الكيان الصهيوني وجزء لا يتجزأ من أراضيها .
وفي عام 2003 حكماً آخر بالسماح لليهود بزيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه .
وفي 2005 قرار يسمح للجماعات المتطرفة - ومنها جماعة أمناء الهيكل - بالدخول إلى المسجد الأقصى والتعبد فيه !!
والمشروع
المعتمد من بلدية القدس الصهيونية لإزالة الأحياء القريبة من المسجد
الأقصى ميزانيته 400 مليون وقد بدء بـ15 مشروعاً تسعة منها تستهدف المسجد
الأقصى ومدته 6 سنوات تنتهي في عام 2014 فلم يبق إلا القليل !
فهل ستبادر ؟ أم ستعرض وتغادر ؟
هل ستبادر لأن هذا دينك وهذا ما تقرأه في قرآنك ولأن هذا مسرى رسولك صلى الله عليه وسلم ؟ أم أنك ستكون مع الغافلين ؟
فعلينا أن نبث هذه المعاني ، وأن نفضح هذه الأهداف ، وأن نتبادل هذه التقارير والمعلومات والصور والخرائط !
علينا أن نعرف ونقرأ ونطلع ، وأن ننشر ذلك في محيطنا العائلي ، وبين أبنائنا وبناتنا.
علينا أن نخصص في كل يوم ، بل في كل صلاة دعاءً لمسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحريره من رقِّه ، وتخليصه وتطهيره من دنسه .أسأل
الله العظيم أن يردنا إلى دينه رداً جميلا وأن يحيي بالإيمان قلوبنا وأن
يبث الحمية والغيرة لدينه في نفوسنا وأن يرزقنا العمل والجهاد في سبيل
نصرة دينه إنه ولي ذلك والقادر عليه.